الخميس، 1 مايو 2008

لـــــحـــــظــــــة بـــاردة..!




تسرب خيط الكحل الرفيع من عينيها لثالث مرة ،نظرت "نوسا"نظرة استنجاد لصاحبتها التي تأففت قائلة:

- وبعدين معاكي يا(نوسا) إنتي بقالك كام يوم مش مظبوطة،متبطلي عياط بقى..!

- مش عارفة يا (أميره) قلبي بيوجعني..

- ميصحش كده أومال...الزباين حسوا إن فيه حاجه ومن ساعة ما شفتي "الموكوس" (أحمد) ده وانت حالتك وحشه خالص، أخر مره هعدل لك الماكياج بتاعك مش عايزين نتأخرإنتي عارفة المعلم عصبي ازاي.

اليوم بالذات لابد أن تكون (نوسا) في أبهى حلتة لها،الزبائن كلهم من كبار الزوار،والصالة اليوم محجوزة لهم خصيصا وقد وصوا بأن تمتد ساعة نوسا إلى ساعتين،لقد أكد عليها المعلم بقوله:

-الناس جامده ومش عايزين نزعلهم ،البركه فيكي (يانوسا)،عايزين مفاجأة على المسرح، ماشي.....

- حاضر يامعلم

كانت تلتقي المعلم في مناسبات خاصة ويكون اللقاء عابرا يخبرها فيه بما يريد في كلمات قليلة دون أن ينظر لها ويغادر.....

تذكرت كيف رفض والدها (أحمد) حينما تقدم لها وقد تخرج لتوه ولم يشتغل ،(أحمد) الذي أصبح الأن من أشهر رجال الأعمال،لقد كانت تدرك أنها لو لم تتزوجه سيجرها والدها وكان يمتلك قهوة في إحدى مراكز التسوق التي تغزو المدينة وتذكر أنه كان يستشيط غضبا حينما تقول له قهوة كان يرد عليها :

- اسمه كافيه،ده مكان محترم مش قهوه ياهانم..!

لقد زوجها صديقه (إبراهيم) بعد رفضه (لأحمد) وهو يمتلك نادٍ ليلي. ونسيت أن أخبركم أن (نوسا) واسمها الحقيقي (نسمه) وأختها تربيتا على يد والدتهما بعيدا عن والدها الذي طلقها بعد أن انجبت الفتاتين ،تربيتا في بيت محافظ...حيث بيت جدهما،وبعد وفاة والدتهما التي تلت وفاة الجد سافرتا إلى أبيهما،

لم تحتمل أختها كثيرا وانتحرت بعد ان جرها إلى الإدمان والرقص والسقوط،أما (نسمه) فكانت أكثر انفتاحا وقد اعتقدت أنها ربما تكون أكثر سعادة لو نظرت لحياتها من منظور أخر...

لقد قال لها (أحمد) ذات مره:

- سافري ...إن شاء الله تروحي قريه بس إبعدي عن أبوكي...هتخسري نفسك معاه.....لكن من يعولها،

كم لعنت في الليالي الباردة أباها...وكيف أنها كانت ترى نفسها أما صالحاً وزوج حنون..

******

دخلت( أميره) إلى حجرة الملابس لكنها لم تشعر بها فهزتها قائله:

- ها يا (نوسا) جاهزه؟ قدامك دقايق

- جاهزه يا (أميره)

- جهزتي حاجه زي ما قالك المعلم؟

ردت عليها بتأفف وهي تقوم من أمام المرآة:

-مكنش عندي مزاج أفكر...بس في حاجه قولت يمكن تكون جديدة

- ايه هيا؟

- فاكرة "الرقاصة" الي شفناها لما كنا مسافرين تركيا؟ الي كانت بترقص وهيا بتشرب خمرة؟

-أه هتعملي زيها؟

-أه جت في بالي كدة هبتدي عالي وبعدين أرقص وأنا بشرب الكاس وبعد كده أدخل هادي ايه رأيك؟

- حلوة...هتقدري تتنقلي لثلاث حركات كدة؟

- نجرب مش هنخسر حاجة.....

وأكملت لنفسها:"هخسر ايه أكتر من الي خسرته"

******

دخلت- ببدلة الرقص - تنثني في حركات سريعة مع الموسيقى فأهاجت الحاضرين وقد وقفوا يشاركوها الرقص حول طاولاتهم.لم تكن ترى أحدا لقد غزت الدمعاتُ مقلتيها مرة أخرى وصوت (أحمد) يهدر في أذنيها:

"عاجبك كدة يا ساقطة"

لا تدري إن كانت ترقص صحيحا وتتماشى حركاتها مع الموسيقى أم لا.شعرت بالتعب فاشارت بأن تبدأ الموسيقى الهادئه،

أعطوها الكأس وعلى تقسيمات الموسيقى الشرقية البطيئة تلوت كأفعى محمومة دار رأسها وهي تسمع الحاضرين يطلبون منها المزيد من بين تأوهاتهم وأنفاسهم المحمومة.حاولت أن تكمل لكن قدمها خانتها ،وقعت على المسرح وتصايح الحضور وقد ظنوا أنها ترقص مستلقية..


صعدت أميرة المسرح نظرت لصاحبتها ثم قامت وأغلقت الستارة...


لقد كانت نمرتها الاخيرة.!!


هناك تعليقان (2):

أميرة عزالدين يقول...

جميل يا شيماء , لكن افتكر الفكرة غنية وممكن تشكلى منها شيء اكبر .
استمرى .
تحياتي ..

شيماء النمر يقول...

مرمر يا سكر

معاك حق انها ممكن تكون احسن من كده

هفكر فيها تاني
لاني جت عليا فترة فكرة اكتب عن راقصة بتلح عليا اوي

شكرا لتعليقك يا سكر